Un autre regard

Un autre regard

الريكي: القادم من أدغال قسية

يسأل البعض، من يكون عبدالحق الريكي؟

فضلت ترك الآخرين يتحدثون عني. وبالصدفة وجدت مقالا للصحفي عبدالعزيز كوكاس، صادر يوم 17 ماي 2007 بالجريدة الأسبوعية "الأسبوعية الجديدة" في عمود أسبوعي كان يقدم من خلاله الصحفي عبدالعزيز كوكاس وجه في المرايا. ففكرت أن أشارككم إياه...

 

وجوه في المرايا

الريكي: القادم من أدغال قسية


بقلم: عبدالعزيز كـوكـاس

 

حين جاء إلى الوجود، كانت رائحة البارود لا تزال تملأ أدغال جبال الريف، في تلك المنعرجات الضيقة التي وضعت الناس وجها لوجه حول أسئلة مغايرة لما أحسسنا وسط المغرب النافع : أسئلة الحياة والموت، أسئلة الانتماء والهوية، النقمة والنعمة...

في 1958 وبمنطقة أجدير بالحسيمة، أعلن عن
ميلاد عبدالحق الريكي، الذين عاشروه أحسوا بعمق التحولات التي صاحبت الرجل، يشهد بنو أجدير ممن تستهويهم التفاصيل التي يرقد في طياتها الشيطان، أن عبدالحق نما في غفلة عنهم، كان خجولا برغم شيطنة الطفولة.. لم يكن من الذين ولدوا وفي فمهم ملاعق من ذهب، لكنه استطاع أن يحفر مساره الشخصي بكل النبل الريفي وروح الكفاح التي ورثها عن محيط أحفاد عبدالكريم الخطابي...

صوت هادئ، خجول حد القرف، مُجد في حديثه كأن المرح أخطأ الطريق السليم نحوه... حين قادته ظروف الدراسة إلى ثانوية مولاي يوسف في منتصف السبعينيات، تخصص العلوم الرياضية، وجد عبدالحق الريكي نفسه يستنشق هواء ما وشم به المهدي بن بركة وعمر بن جلون أبناء جيله، فانخرط في الاتحاد الاشتراكي على عهد الراحل بوعبيد وتقلد فيما بعد منصب عضو المجلس الإداري للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وعضوا في المكتب الوطني لنقابة الأبناك الكونفدرالية صحبة المشاغب عبدالكريم بن عتيق.

ورغم ولعه بأرقام الاقتصاد ولغة الأرقام، وعقلانيتها المفرطة التي لا تسمح بتدخل العواطف، فقد ظل الريكي وفيا لجذوره، ذلك الدفء البعيد الذي يشده إلى مناحي قصية، تلك الأريحية التي تنشد دوما نحو أخلاق السادة لا أخلاق العبيد..

منذ 1984 ابتلعه القـرض الفـلاحي من قسـم الاستـراتيجية إلـى إدارة فـروع البنك بين مشرع بلقصيري والقنيطرة وبنسليمان والرباط، كان الرجل يحتفي بالرموز الثقافية لأصوله الأمازيغية في مكتبه، في حميمياته التي تفر من الأرقام نحو دفء القلب، حين يخلو الرجل لمداعبة أطفاله أو في لحظة خلوة جميلة مع رفيقة درب الحياة أو مع أصدقاء الدرب النضالي...

أحيانا، في لحظات الضعف البشري يخبط اليد على اليد أسفا على مغرب يشتهيه، يراه بنبض القلب يهرب بالتقسيط حيث لا نشاء، لكن أمله يظل مثل بحر الظلمات صاخبا مزمجرا متشبثا بروح الانتماء لهذا الوطن.

ليس الريكي استثناء في مسار هذا الوطن، لكنه صحبة العديد يظل زمردة ذات أضلاع متعددة الرؤيا، واحة للسنديان الذي لا ينكسر بسرعة، هكذا يصفه هذا المشاغب، المجرب المرح، المستكين لبلادة الزمن رغم عبقريته والمكنى في دفاتر الحالة المدنية : "واعزيز".. لولاه لوأدت الكثير من المقاولات نفسها باكرا، هكذا أصف شكل إدارته للأزمات العاصفة، تلك اللحظات المفصلية بين الطريق إلى الحقيقة، والطريق نحو الضياع، ليس محرر أوهام، هو ليس مبدع ثروة ولا قائد ثورات.. إنما هو عبدالحق الريكي، الذي يحفر اسمه في صمت الزهاد وتواضع من يفضل قطران البلد على عسل بلادات الناس، لأن لديه شيئا هنا، بالمغرب أو هناك في أجدير، يستحق أن نعيش من أجله أو نموت لأجله!

يرى فيه عبدالكريم بن عتيق "جرأة على المواجهة، إنه مثل بركان حين تبدو الأشياء غير مستقيمة، ينفجر برغم طاقة احتماله القصوى وحتى ولو كانت موازين القوى لغير صالحه، لقد ورث عناده من تربة أجدير".

عنيد هو مثل سندناية. حتى حين ينحني لما يعتبره البعض تخاذلا، له تكوين اقتصادي متين وقدرة كبيرة على العطاء والصبر والتحمل، "ومخلص حتى النخاع، إذا كانت هذه الكلمة" يقول بن عتيق أحد من عاشروه عن قرب في نقابة الأبناك.

 

بقلم الصحفي عبدالعزيز كوكاس

17 ماي 2007

  

 



22/05/2013
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 13 autres membres